مهمة في طريق مغلق!

الحكومة الفلسطينية الجديدة: مهمة في طريق مغلق!

  • الحكومة الفلسطينية الجديدة: مهمة في طريق مغلق!

اخرى قبل 5 سنة

الحكومة الفلسطينية الجديدة: مهمة في طريق مغلق!

مهند حامد

رام الله-“القدس العربي”: بدأت الحكومة الفلسطينية الثامنة عشرة برئاسة عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الدكتور محمد اشتية عملها يوم الأحد الماضي، وسط ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة ستصعب من مهمتها الأساسية تحسين الظروف المعيشية للمواطنين وفك الارتباط عن الجانب الإسرائيلي، وإنهاء الانقسام.

وجاءت الحكومة بعد توتر مع فصائل منظمة التحرير، ومنها الجبهتان الشعبية والديمقراطية، إضافة إلى حماس، وتضمنت تركيبة سياسية من شخصيات فتحاوية وممثلين عن بعض فصائل منظمة التحرير.

وما زالت الحكومة التي أعادت حلف اليمين القانونية أمام الرئيس محمود عباس في مقر المقاطعة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، بعد أن حدث خطأ قانوني في نص اليمين، منقوصة وزير الداخلية ووزير الأوقاف، حيث احتفظ الدكتور اشتية بالمنصبين، وسط أحاديث عن خلافات اندلعت حول منصب وزير الأوقاف، حيث رفض اشتية توصيات بتعيين مستشار الرئيس للشؤون الدينية قاضي قضاة فلسطين، الدكتور محمود الهباش، وزيرا للأوقاف، وهو ما نفاه الهباش في تصريح لاحق.

وقال الهباش، إنه لم يكن واردا أمر انضمامه إلى حكومة الدكتور محمد اشتية، “لن أفعل ذلك، ليس زهدا أو ترفعا عن العمل معه لا سمح الله، ولكن لأنني ببساطة أتشرف بالعمل مباشرة مع سيادة الرئيس محمود عباس”.

واحتفظ وزراء الخارجية والمال والسياحة في الحكومة السابقة بمناصبهم في الحالية، فيما شهدت باقي الوزارات أسماء جديدة ومن بينهم وزراء من قطاع غزة.

وتأتي حكومة اشتية، خلفاً للحكومة السابقة برئاسة رامي الحمد الله التي تشكلت عام 2014 بتوافق بين حركتي “فتح” و”حماس” وكان هدفها إنهاء الانقسام بين الحركتين، إلا أن ذلك لم يتحقق.

وهاجمت حماس الحكومة وقالت إنها لا تعترف بها. وأضافت الحركة: “هذه الحكومة الانفصالية فاقدة للشرعية الدستورية والوطنية، وستعزز من فرص فصل الضفة عن غزة كخطوة عملية لتنفيذ صفقة القرن”.

وتحدثت مصادر أن حماس ردت على تشكيل حكومة اشتية بتفعيل اللجنة الإدارية لإدارة وزارات قطاع غزة، التي كانت حماس قررت حلّها في السابع عشر من أيلول/سبتمبر عام 2017 لمنح جهود المصالحة التي كانت ترعاها القاهرة آنذاك فرصة، قبل أن يتم التوصل في تشرين الأول/اكتوبر لاتفاق المصالحة، الذي تعطل فيما بعد، وهو ما ينذر بمواجهة وتصعيد أكبر بين رام الله وغزة.

في المقابل تلقت حكومة اشتية تهنئة من دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وروسيا، وتمنوا لها التوفيق والنجاح.

ورفضت الجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين، والمبادرة الفلسطينية، المشاركة في الحكومة، فيما انضمت إليها باقي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في ظل مقاطعة حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”.

وحددت مهمة الحكومة الأساسية في القيام بمهمة فك الارتباط عن الجانب الإسرائيلي، وإعادة قطاع غزة، وإجراء الانتخابات التشريعية، بيد أن المهمة تبدو غير قابلة للتنفيذ.

وتنتظر الحكومة أزمات وتحديات عميقة، أهمها توفير رواتب موظفي السلطة الفلسطينية الذين يتقاضون أقل من نصف رواتبهم منذ شهرين، إثر أزمة اقتطاع إسرائيل أموال المقاصة، إضافة إلى تحديات سياسية تتمثل في جمود العلاقة مع إسرائيل، وقرب طرح صفقة القرن وما تتضمن من فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة في الضفة الغربية.

ويعتقد بعض المراقبين ان مهمة الحكومة ازدادت صعوبة في ظل عودة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للحكم بتشكيلة أكثر تطرفا.

وفي الإطار، يرى الخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور نائل موسى، في حديث مع “القدس العربي”: “أن الحكومة الجديدة تأتي في ظروف قد تكون الأصعب في تاريخ الحكومات الـ17 الماضية بما فيها حكومة حماس 2006” مضيفا “عليها قيود صعبة، وأي محاولة حقيقية للانفكاك، لن تستطيع تحمل أعباء ذلك”.

وبين أن الحكومة تواجه عدة تحديات من مشكلة دفع رواتب الموظفين بعد أزمة أموال المقاصة التي تشكل 70 في المئة من إيرادات السلطة، ويبدو انه لا توجد انفراجة قريبة في هذا الملف.

إضافة إلى أن قرب طرح صفقة القرن والموقف الفلسطيني المعارض، سيدفع الدول التي تدور في فلك الصفقة للامتناع أو تأخير الدعم المالي عن السلطة وهو ما سيعقد المهمة.

وعلى المستوى المحلي لم تبن السلطة الفلسطينية قاعدة اقتصادية متحررة، حيث قامت على أساس ارتباط وثيق مع إسرائيل، ونشأت خلال 25 سنة الماضية قطاعات اقتصادية إنتاجية فلسطينية مرتبطة ومتشابكة مع الجانب الإسرائيلي، وبالتالي الحديث عن مسألة الانفكاك غير واقعي في هذه المرحلة.

لكن المحلل السياسي، الدكتور أحمد عبد العظيم العزم، قال لـ”القدس العربي” إن مسألة فك الارتباط ممكنة بشكل جزئي إذا توفرت الإرادة السياسية لذلك، وقد تكون على شكل خطوات متتالية، مضيفا انه لا يوجد ما يمنع أن يتم اتخاذ إجراءات قانونية لتجريم دخول منتجات الألبان الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية على سبيل المثال.

مضيفا أن فك الارتباط الذي يقصده في الدرجة الأولى اقتصادي، كالتراجع عن اتفاقية باريس الاقتصادية ردا على اقتطاع أموال المقاصة الفلسطينية، لكن الدخول في فك ارتباط كلي يعني الدخول بمواجهة شاملة وسيخلق أثرا كبيرا، مثل ان تمتنع السلطة عن تزويد إسرائيل بالمواليد الجدد والوفيات أو غير ذلك، فقد نجد أنفسنا أمام آلاف الفلسطينيين غير القادرين على التحرك والسفر خلال بضع سنوات.

ولا تقتصر تحديات الحكومة الحالية على العلاقة مع إسرائيل، حيث أن هناك تعقيدات تواجهها مع حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، والتي أوشكت على إنهاء تفاهمات مع إسرائيل تسمح لها بالتنفس بعيدا عن السلطة الفلسطينية.

ولا يعتقد المراقبون ان الحكومة قادرة على ترتيب انتخابات تشريعية، كأحد المهام المنوطة بها، حيث ترفض حماس إجراءها في قطاع غزة، بينما ستمنع إسرائيل عقدها في القدس، وقد يتم منعها في أجزاء واسعة من الضفة الغربية إذا ما فرضت السيادة الإسرائيلية عليها خلال بضعة أشهر.

وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، الدكتور واصل ابو يوسف، في حديث مع “القدس العربي” أن مجلس المركزي سيجتمع بعد شهر رمضان مباشرة لإعلان سحب الاعتراف بإسرائيل، ووقف التنسيق الأمني، وانهاء العمل في اتفاق باريس الاقتصادي، وستتولى الحكومة تطبيق ذلك. وهو الأمر الذي سيجعلها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل في حال أقدمت السلطة على هذه الخطوات غير مسبوقة.

المصدر / القدس العربي

 

التعليقات على خبر: الحكومة الفلسطينية الجديدة: مهمة في طريق مغلق!

حمل التطبيق الأن